تَحَسَّس أنفك ، تَحَسَّس عقلك


تقول الحكاية : أن حاكم إحدى البلاد البعيدة ، أصابه مرض خطير، فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه !
استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم .. وبعد أن تعافى، رأى شكل وجهه بدون أنف .. بشعا جدا !
وليخرج من هذا الموقف المحرج ، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم .. وكل مسؤول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه !
.. إلى أن وصلت كافة موظفي الدولة وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه .
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة ، وجزءاً من ملامح أهل هذه البلدة ... فما أن يُولد مولود جديد – ذكر أو أنثى – إلا ويكون أول اجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه !
بعد سنوات مرَّ أحد الغرباء على هذه البلدة ... وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيئا يتدلى من وجهه .. هو أنفه السليم !
بحكم السلطة ، وبحكم العادة التي صارت جزءاً من شكل ذلك المجتمع الصغير، وتلك البلدة النائية .. صار الخطأ صواباً .. والصواب خطأً .
ـ مع مرور الوقت تشكلت قوانين جمالية جديدة ترى أن مقطوع الأنف هو الأجمل !..
وصار هناك مقاييس أخرى للجمال .. وكذلك للقُبح .
و أي شخص يأتي من العالم الخارجي – أنفه سليم – هو شخص شاذ !
لذا كان يلجأ لتقليدهم ,, خوفا او جهلا .





فكِّروا بهذه الحكاية الأسطورية / الساخرة ، واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة :
هل فقدنا أنوفنا ؟
هل فقدنا شيئاً آخر ... الصوآب مثلاً ؟!
كم من خطأ قلدناه و اعتدناه حتى صار أصوب من الصواب في تعاملنا ؟!
كم من شيء ندافع عنه وبحماسة .. ودون وعي ؟!
هل أخطاؤنا – لأنها ميولنا الشخصية – هي أهم من الصواب ؟!
تحسَّس أنفك .. تحسَّس عقلك !
واسأل نفسك : كم من الأشياء التي قطعتها بيديك منك وعنك ؟!
أنظر حولك ، وحاول أن تكتشف الأخطاء التي نهجتها ، وتتعامل معها بشكل شبه يومي كإرث عائلي يجب المحافظة عليه .
حلل الأشياء .. و ابحث في السبب و النتيجة
أخرجها من دولاب العادة والمألوف .. والتقليد و الحداثة
اخضعها لشرع ربك و دينه فهو الحق ، ثم أعِد بناء علاقتك معها من جديد ..
واستعد التفكير !
أَفِقْ .. من سباتك ولا تقلد دون وعي .




.
.