شهر رمضان في الشام ... نكهة خاصة وتقاليد جميلة

تاريخ التسجيل : 04/06/2011

شهر رمضان في الشام ... نكهة خاصة وتقاليد جميلة
مع قدوم شهر رمضان المبارك تبدأ العائلات السورية بالتحضير له وتنهمك في تأمين اللوازم الأساسية للطعام والشراب ويحتل هذا الأمر أهيمة خاصة لديها الأمر الذي يجعل أغلب العائلات تخصص ميزانية لهذا الشهر .
ويطلق أهل الشام على العشر الأول من رمضان بالمرق لانهماك الناس بطعامه وموائده إذ تحرص الأسرة السورية على تقديم ما لذ وطاب من أصناف وألوان الطعام كالمرطبات والخشافات المصنوعة من قمر الدين والزبيب والعرقسوس إضافة إلى المقبلات التي تشمل الفتات بأنواعها الحمص بالزيت أو السمنة والمكدوس وصحن الفول المدمس بالزيت والمخلل والحساء كشوربة العدس والكشك .
ومن المعروف أن المطبخ الشامي يتميز بدسامة أطباقه وكثرة الدهون فيها، والنكهات المتميزة والطعم اللذيذ لكل وجباته وحلوياته بخلاف التوابل والنكهات كحب الهال وجوزة الطيب والقرفة وغير ذلك، ومن أكثر الوجبات الشامية شهرة هي المقلوبة والكبة بأنواعها والملوخية والمحاشي والمقادم واليالنجي والفتوش وغيرها.
وللحلوى نصيب وافر في مائدة رمضان الشامية فلا تخلو مائدة من الحلوى الرمضانية المصنوعة من الكنافة والنهش كما تظهر أرغفة المعروك وأنواع الخبز الأخرى ويعد الناعم من الحلويات التي ارتبطت برمضان فقط يصنع من العجين المائع، يضع صانعه صاجاً من النحاس على نار لينة، ويطينه بذلك العجين حتى إذا جمد العجين على الصاج ينشرونه حتى يجف، ثم يقلونه بالزيت ويرشون على وجهه مغلي الدبس على شكل خيوط متداخلة.
ويتفنن صانعو الناعم في إعداده فمنه الأسمر والأبيض ويحمله الباعة المتجولون بأقفاص يطوفون بها الأحياء والأزقة والحارات وينادون عليها بعبارات مسجوعة عذبة يللي الهوا رماك ياناعم..رماك وكسر عضامك ياناعم..يالله كل سنة والحبايب سالمة ياناعم فيقبل الناس على ابتياعها حتى اصبح من المألوف مشاهدتهم وهم يحملون أطباقها الى منازلهم قبل المغرب .
تتسم صناعة الحلويات في رمضان بالتنوع وتقسم بحسب المنطقة وتحتل منطقة الميدان المركز الأساسي لهذه الصناعة منذ مايقارب العشرين عاما ومع ظهور عائلات جديدة في هذه الصناعة عملت على تطويرها وتوسيعها، وتطورت هذه الصناعة التي كانت لا تتجاوز أصابع اليدين في بدايات القرن الماضي لتبلغ 200 نوع حاليا ونتج عن تنوعها تصنيفات جديدة على أساس المناسبات والفصول والأسعار فمنها ما هو شتوي وصيفي وما هو خاص برمضان كالقطائف العصافيري والمشبك والعوامة إلى جانب الأنواع الفاخرة التي تظهر بذخ وغنى العائلات مثل المبرومة والبلورية.
تذكر الدراسات أن ولع السوريين بالحلويات خاصة في الأعياد جعلهم من أكثر مستهلكي الحلويات في العالم ليصبحوا في المقابل أحد أهم مصنعي ومصدري الحلويات الشرقية في العالم ويعتمد المفهوم الشعبي الدمشقي للعيد كما في بقية الدول العربية على تبادل الزيارات بين الأهل والجيران والأقارب والأصدقاء إلى جانب استقبال المهنئين وتقديم الحلويات والتباهي بنوعيتها عالية الجودة ومصنعيها من مشاهير الحلونجية الدمشقيين وسوق الميدان يصدر حلويات دمشقية عريقة تفخر بها الأسواق العربية والعالمية وما أن يهل شهر رمضان حتى يفترش الباعة الأصناف المتعددة أمام المحال التجارية إذ يشهد السوق إقبالاً لافتاً خلال الشهر الفضيل وتقسم الحلويات إلى قسمين.. شعبية للفقراء وفاخرة للأغنياء وتتراوح اسعار الحلويات من 200 ليرة الى 800 ليرة وبدا الارتفاع في اسعار الحلويات هذا العام واضحا نتيجة ارتفاع اسعار المواد الاولية ويصدر 80 بالمئة تقريبا من الانتاج الى الخارج.. وقد اسهمت الخبرات المتوارثة والمكونات الطبيعية في ايصال علبة الحلويات الدمشقية الى الاسواق العالمية.
وتعود شهرة الحلويات الدمشقية الى فترة الحكم العثماني ومعظم الحلويات من الانواع الشهيرة والتي تصنع من الطحين والسكر والقطر والفستق الحلبي او الجوز والسمنة البلدية او العربية واحيانا النباتية حس الطلب ولها انواع واشكال ومذاقات منها المبرومة والشرحات والبقلاوة والبلورية وكول وشكور والوربات بالفستق الحلبي والقشطة وزنود الست واسوارة الست والاصابع وهذه كلها تسميات محلية حتى ان احدى هذه الانواع كانت تسميتها العامية مغشوشة وهي المبرومة بالقشطة.
ويحتل الحكواتي مكانة مرموقة بالنسبة لأهل الشام في رمضان بالرغم من انتشار الفضائيات وتنوع البرامج المقدمة على شاشات التلفاز الا ان الكثير منهم لايزالون يفضلون قصصه ويقصدون المقاهي المنتشرة في احياء دمشق القديمة التي مازالت تحيي هذا الارث الشعبي في شهر رمضان الكريم.
ويقول الاستاذ منير كيال عن الحكواتي في كتابه رمضان وتقاليده الشامية الحكواتي قصاص شعبي يتخذ مكانه على سدة عالية في صدر المقهى التي يقصدونها الناس للاستماع الى القصص التي يتلوها الحكواتي اهمها الزير وابي زيد وعنترة وهي بالغالب روايات حماسية تمثل الشجاعة والكرم والحمية والوفاء والصدق والمرؤة والجرأة وحفظ الذمم ورعاية الجار..الى اخر ما هنالك من المكارم التي ينسبونها الى ابطال الرواية ويجعلون النصر لهم والدائرة على مناوئيهم ويصفونهم بالجبن والكذب والبخل والرياء والغدر والخيانة والنكث بالعهد الى اخر ما هنالك من المفاسد.