ومن يكون انه مجرد متشرد

تاريخ التسجيل : 18/11/2010

ومن يكون انه مجرد متشرد
يمشي تائها على غير هدى لايعرف أين هو ,ولاحتى الى أين ذاهب, المهم أن يجد ما يأكله , فلم يذق طعاما منذ البارحة ظهرا؛تغيرت قسامات وجهه فجأة عندما تذكر البارحة ...آه كانت وجبة شهية, ربع دجاجة كاملة في قطعة من الخبز الساخن..أعطاها له أصحاب عرس في الجوار, انه حلم بالنسبة اليه ولا يتكرر الا نادرا. استيقظ من شروده وهو يقول في نفسه "لايهم أن يكون دجاجا أو حتى خبزا يابسا المهم أن يشبع هذه المعدة اللعينة..ليتنا خلقنا لا نجوع".
لا يزال الطريق يقتات قدميه وهو يمشي بدون توقف فاحصا بعينيه الغائرتين الشارع و الناس حتى سلات القمامة كل ما يمكنه أن يكون سبيلا للطعام..الكل منشغل ولا أحد يبالي به ..ومن يكون انه مجرد متشرد فقير..
جذبته رائحة الطعام عند مروره بالقرب من مطعم فاخر ,فألصق وجهه بالواجهة الزجاجية بدون شعور ,و أخذ يتأمل الوجوه الذي يمكن أن تعطيه القليل من الطعام,رأى طفلا مع أسرته يداعب كلبه الاليف و يرمي له بعض قطع الخبز أو اللحم فيقفز الكلب للالتقاطها ويلتهمها بنهم وينتظر الاخرى ملوحا بذيله..فقال المتشرد في قرارة نفسه:"ليتني كنت كلبا...", ثم ضحك بأعلى صوته حتى سمعه بعض المارة وهو يقول:"أنا لا أجد خبزا و الكلب يأكل لحما..فأينا الحيوان؟" لكن سرعان ما اختفت ضحكته المرة و راء دمعة حارة كأنه تذكر زمنا بعيدا مضى...المهم من هو الآن انه مجرد متشرد فقير...
أخذ يلوح بيده لبعض الاشخاص طالبا لقمة طعام,لكن لا أحد يبالي به , الكل يتجاهله كأنه غير موجود,لمحه النادل فاتجه اليه مسرعا وأمسكه من تلابيبه قائلا:
-ابتعد من هنا و الا حطمت رأسك , تمتهنون التسول لتستولو على أموال الناس باستغلال عواطغهم.
طأطأ صاحبنا رأسه و غادر بدون أية كلمة, فلا يحق له الدفاع عن نفسه لأنه يعرف من يكون...انه مجرد متشرد فقير...
أكمل سيره بدون وجهة لا يعرف أن يسكت معدته التي تصيح من الجوع, أخذ التعب منه مأخذه فجلس في كرسي عمومي,لم يبق له سوى هذا الكرسي ...الذي لا يستطيع أن يرتاح عليه باطمئنان دون أن ينهره او يطرده أحد...أغمض عينيه برهة وهو يتمتم بكلمات مبهمة ,وفجأة هم واقفا, لم يتغير فيه شيء لكن في هاتين العينين الغائرتينأصبح بريق غريب,أكمل سيره بخطى مسرعة , لعله الان أصبح يعرف الى أين هو ذاهب..بعد مسافة ليست بقصيرة نزل الى النفق المؤدي الى السكة الحديدية ...وقرأ اللافتة المكتوب عليها أوقات مرور القطار,فوجد أن القطار سيمر بعد دقائق ...فصاح قائلا كأنه يخاطب حشدا غفيرا:"الآن سوف آكل ..بعد دقائق سآكل ما أريد ...لحما و دجاجا و خبزا ساخنا ...سآكل و آكل حتى أشبع ...سأتخلص من هّا الجوع اللعين لأكون سعيدا مرتاحا..."و اذا بصفارة القطار تطلق صفيرها المدوي ..وما ان سمعه صاحبنا انطلق بكل قوته كأنه سمع نداءا باسمه يدعوه الى الطعام و ارتمى أمام القطار الذي دهسهدون أن يبالي به هو الاخر...فموته لا تهم انه مجر متشرد فقير...
في صباح الغد أصدرفي الجريدة مقال بعنوان"انتحار شخص مجهول....لاسباب لا تزال غامضة "