حياتك بين طريقان لا ثالث لهما طريق الخيبة و طريق الفلاح

تاريخ التسجيل : 12/08/2012

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

حياتك طريقان لا ثالث لهما طريق الخيبة وطريق الفلاح وعليك أن تختاري أي الطريقين تريدين أن تسلكي الفشل والخيبة والضياع وجني السراب أم طريق النجاح والفلاح وتحقيق الذات وتحقيق الأهداف ..إنه الاختيار الرهيب بين حياة ثرية تعلو فوق الثريا وحياة فقيرة ضيقة تتمرغ في أوحال الطين .

ولعل أول ما يتبادر للذهن: وهل هناك من يختار تلك الحياة الضيقة التي تظللها الخيبة ويحدوها الفشل، ويترك الحياة الحقيقية التي تنبض بالجمال؟!

وعلى الرغم من أن الإجابة بدهية فكل إنسان منحه الله تعالى العقل سيختار الحياة الطيبة التي تؤدي به للفلاح ..ولكن الحقيقة الواقعية شيء آخر مختلف تماما فالأكثرية من البشر قد ركنت لحياة الخيبة والخسران وعللت ذلك لضميرها وعقلها بشتى المبررات حتى لا ينهاها عقل أو يكدرها ضمير.

الحياة الطيبة التي تقود للفلاح في الدنيا والآخرة ليست صدفة عشوائية، وليست فكرة طارئة إنها مشروع حياة يقوم على تزكية النفس وهو ليس بالأمر الهين حتى أن الله سبحانه وتعالى أقسم به:{ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}الشمس : 7 ـ 10.

الزكاة في اللغة تعني النمو فتزكية النفس لا تعني فقط تطهيرها وإنما تنميتها في كافة المجالات التي يحتاجها الإنسان وعلى الرأس من ذلك النمو النفسي والإيماني فتتوقد النفس وتشتعل بجذوة الطموح البناء فلا تعود تركن للأرض ولا للطموحات الضيقة التي تمثلها.

وعلى عكس النماءالذي يشتمله معنى التزكية يأتي مصطلح الدس بمعنى النقص والإخفاء وهذا هو الطريق الثاني أن يقلل الإنسان من نفسه من ذاته الحقيقية التي لأجلها كرم الله بني آدم فينقص منها تدريجيا حتى تختفي وتخمل وتخمد فلا تأبه لمعالي الأمور بينما تندمج مع سفاسفها وشهواتها ومغرياتها.

النفس الإنسانية آية من آيات الله فهي لديها استعددات مزدوجة ..استعدادات للتزكية والرقي واستعدادات للهبوط والخمول ..ولديها عقل أراد له الله حرية الاختيار .

النفس الإنسانية لديها فطرة مودعة فيها تهفو للسمو ولديها غرائز عنيفة تشدها للهبوط .

الاختيار ليس سهلا كما قد يتصور البعض فالغريزة العنيفة والدوافع النفسية المعقدة والاغراءات العديدة والتجارب المؤلمة ليست بالأمر الهين وإنما هو الجهاد {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} العنكبوت :69.

إن القرآن يستخدم لفظا دقيقا جدا لتصوير هذه الحالة وهو لفظ العقبة (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ) البلد ( 11: 17 )

فالإنسان إذا أراد أن يسلك سبيل الفلاح المؤدي للجنة والسعادة ورضا رب العالمين فعليه اقتحام العقبة وضربت نماذج سلوكية رائعة تؤدي لاقتحام هذه العقبة كفك الرقاب وتقديم الغوث والطعام للأيتام والفقراء في أوقات الضيق والشدة ومن يقدر على هذا إلا من تسلح بالإيمان والعمل الصالح والصبر والرحمة .

العقبة قد تختلف من شخص لآخر بحسب البيئة ومحددات الشخصية ..نقاط ضعفه وقوته ..وهو مطالب في كل الأحوال على اقتحامها اقتحاما .

حتى لو سقطت مرات وأنت في محاولة الاقتحام تلك فلا تيأسي أبدا فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .

لا تجعلي الفشل مرة أو حتى مرات عديدة يجعلك تترددين وترتعشين وتتعايشين مع عقبات حياتك كأنها قدرك الذي لا يمكنك الفكاك منه .

كل لحظة في حياتك تحمل لك فرصة جديدة ومادام قلبك لم يزل ينبض الحياة فلا تحكمي على نفسك بالموت وتعيشي في هذه الدنيا وأنت لابسة لأكفانك ..انتفضي على أفكار اليأس التي تدور بعقلك واستعيني بربك واشحذي همتك واعزمي أن تقتحمي العقبة وأن تكون لك ذات زكية حتى تسيرين على طريق الفلاح .